كانت النظرة السائدة للمجتمعات حول الضريبة أنَّها مبالغ نقديّة يجب دفعها للمساهمة في تكوين مورد مهمّ لتمويل الحكومات في ممارسة أعمالها، وسبب وجود هذه النظرة هو اتّباع الحكومة لسياسة الضرائب، ولكن مع مرور الوقت أصبحت الحكومات تعي أكثر فكرة السياسة الضريبيّة وأثرها على الاقتصاد، فأصبحت تستخدم من قِبل الجهة الحكومية المختصة بالشؤون الماليّة للدولة كوسيلة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد وتوزيع الدخل وتخصيص الموارد ويتم استخدامها بطريقة منهجيّة صحيحة وذلك لوجود الكثير من الآثار السلبيّة لها إذا ما تمَّ استخدامها بطريقة خاطئة وعشوائيّة،[١] وسيطرح هذا المقال أهم الآثار الناجمة عن الضرائب.


ما هي آثار الضرائب؟

هنالك الكثير من الآثار الناجمة عن الضرائب، وتتلخص أهم هذه الآثار في كل من الإنتاج Production والاستهلاك Consumption وفيما يأتي توضيح لأثر الضريبة على كل منهما:


أثر الضريبة على الإنتاج

تؤثّر الضرائب على الإنتاج من خلال العناصر الآتية:[٢]


القدرة على حفظ العمل

وتُعنى بالحفاظ على الاستثمارات القائمة أو زيادتها، فعند زيادة الضرائب فإنَّ الدخل المتاح للأفراد سيقل وبالتالي سيتم تقليل الإنفاق بنسبة تتوافق مع الزيادة في الضرائب، وبنفس الوقت سيقل الادّخار والاستثمار بالنسبة للفقراء وذلك لأنَّ الدخل المتاح لا يتسع لأن يقسم لأكثر من قسم فهو عادةً ما يغطي الاستهلاك فقط وفي بعض الأحيان لا يقوم بتغطيته ولذلك فيكون تأثيره على الفقراء أكثر من الأغنياء، ولذلك عند انخفاض الادّخار نتيجة زيادة الضرائب فإنَّ ذلك سيؤدي إلى انخفاض الاستثمار والذي يؤثر بشكل مباشر على النمو الاقتصاديّ والإنتاج في البلاد.


الرغبة في العمل أو الادخار أو الاستثمار

عندما نتحدث عن الرغبة فإنَّه يخطر لنا مباشرةً العامل النفسيّ للفرد الذي يتحكم برغباته، ويعد العامل النفسيّ مهمًّا في الضرائب كونها مبالغ يتم دفعها بشكل إجباريّ؛ والتي تساهم في التقليل من الرغبة في العمل والادّخار والاستثمار؛ فيشعر العامل أنَّه عند زيادة ساعات عمله فإنَّه سيحصل على المزيد من الأموال ولكن بنفس الوقت سيدفع مبالغ أكبر من الضريبة فيشعر أنَّه لا يستحق تحمّل عناء ومسؤوليّات وساعات عمل أكبر من أجل القليل من النقود، وبشكل أكثر تفصيلاً يعتمد تفكير العامل على مرونة دخله، ولذلك فإنَّ الأفراد الذين لا ينوون أن يقلّ مستواهم المعيشيّ سيقومون بالعمل بشكل أكبر لتعويض المفقود الضريبيّ من دخولهم، وكذلك الأمر بالنسبة للأفراد الذين يعيشون الفقر المدقع فلا يوجد لديهم الأموال التي تعينهم على الحياة وعند زيادة الضريبة عليهم سيضطرون للعمل لساعات أكثر لتلبية احتياجاتهم، وبالنهاية تقليل الرغبة في العمل والذي يعني انخفاض الإنتاجيّة.


تخصيص الموارد

تؤثر الضرائب على نمط الإنتاج وحجمه في اقتصادات الدول عن طريق تخصيص وتوجيه الموارد نحو شيء معين، فعند زيادة معدلات الضريبة على سلعة معينة ضارّة كالكحول أو السجائر فإن َّذلك يهدف إلى تقليل وتثبيط إنتاجها وتشجيع قطاع الإنتاج إلى التوجه إلى قطاعات أخرى مفيدة، وكذلك الأمر عند توفير امتيازات ضريبيّة عند العمل في إقليم معيّن أو قطاع معيّن فإنَّ ذلك يؤدي إلى تشجيع شركات الأعمال إلى زيادة الإنتاج في هذا الإقليم أو هذا القطاع.


توزيع الدخل

يتناقض هدف توزيع الدخل العادل مع تحقيق الإنتاج الأكثر، وذلك لأنَّ الأغنياء هم الذين يتحملون العبء الأكبر في دفع الضريبة من خلال نظام ضريبيّ تصاعديّ حادّ يدفع الأغنياء فيه الضرائب بنسب أكثر وعند ارتفاع دخولهم تزداد نسب الضريبة عليهم، ويعد كلّ من المنتجين وأصحاب الأعمال من أصحاب الطبقة الغنيّة، ولذلك يشعر البعض منهم أنَّه لا يوجد داعٍ لتحمل التعب والمشقة لزيادة الإنتاج وتحصيل مقدار أكبر من الأرباح بسبب زيادة نسب الضريبة على الدخول عند ارتفاعها، وكذلك الأمر عند فرض الضرائب على السلع الكماليّة بشكل كبير فإنَّه سيثبط من إنتاجها ويؤثر على هذا القطاع سلبًا.


أثر الضريبة على الاستهلاك

تؤثر الضريبة على الاستهلاك من خلال العوامل الآتية:[٣]


الدخل

تقلل الضريبة من الدخل المتاح لدافع الضرائب فتقل القوّة الشرائيّة له ويصبح لديه أموال أقل ليتم إنفاقها على السلع والخدمات ولذلك يقوم بتقليل إنفاقه.


تخصيص موارد الأفراد

يمتلك أغلب الأفراد دخولًا ماديّةً محدودةً ويقومون بتقسيمها وتخصيص كل قسم منها لنفقة معيّنة، وتقوم الضريبة على التأثير على هذه التقسيمات والتخصيصات؛ فعند انخفاض الدخل الحقيقيّ للأفراد فإنَّ ذلك سيؤثر على تقليل إنفاقهم على الكماليّات والتوجه إلى شراء الضروريّات فقط، أو تقليل كميّات الشراء وتقليل مستوى المعيشة الأمر الذي يؤدي إلى التأثير على استهلاك هذه السلع الكماليّة أو الضروريّة.


التوظيف

عند انخفاض قدرة الناس على الشراء فإنَّ الطلب على السلع والخدمات سيقل وبالتالي لن تعود الشركة قادرةً على توظيف عدد كبير من العمّال وتغطية نفقاتهم بسبب عدم وجود الحاجة إلى زيادة الإنتاج بالوقت الحاليّ لانخفاض الطلب وبالتالي ستقل أعداد الموظفين وتزيد نسب البطالة ويؤثر ذلك على نمط استهلاك هؤلاء الأفراد بسبب عدم وجود دخل يستطيعون الإنفاق من خلاله.


التضخم والكساد

يتم رفع الضرائب في حالات التضخم لكبح جموحه وللتخفيف من آثاره على زيادة الأسعار وتحقيق الاستقرار الاقتصاديّ بأكبر قدر ممكن، وأمّا بالنسبة لحالات الكساد فإنَّ زيادة الضرائب ستؤدي إلى انخفاض الطلب على السلعة التي تمَّ فرض الضريبة عليها لأنَّها تعاني من الأساس من انخفاض في الطلب فارتفاع الضريبة سيؤدي إلى قتل الطلب عليها، ولذلك فإنَّ الحكومات تعمل على تقليل الضرائب لتحفيز الطلب والاستهلاك وللتخفيف من حدة الكساد.

الأثر التنظيمي

تستخدم الضرائب لتنظيم قطاع الاستهلاك، وذلك عبر فرض الضرائب على سلع معيّنة بهدف تقليل استهلاكها، وتخفيض الضرائب على سلع أخرى بهدف توجيه الطلب عليها وتحفيز الاستهلاك فيها.


المراجع

  1. Fritz Neumark (10/11/2020), "taxation", britannica, Retrieved 25/11/2021. Edited.
  2. ritika muley, "Economic Effects of Taxation: Top 6 Effects", economicsdiscussion, Retrieved 25/11/2021. Edited.
  3. "Effects of Taxation on Consumption", accountlearning, Retrieved 25/11/2021. Edited.